لها يريم (1) فاقتتلوا هنالك ساعة ووقعت الهزيمة على زياد ومن معه من المسلمين، فقتل منهم نيف على ثلاثمائة رجل وانهزموا هزيمة قبيحة حتى دخلوا تلك المدينة، واحتوى الأشعث على تلك الأموال والغنائم والذراري فردها على أهلها. قال: وأقبل الأشعث بن قيس وأصحابه حتى نزل على مدينة يريم (1) فحاصر زياد بن لبيد ومن معه من المسلمين حصارا شديدا.
قال: وكتب زياد بن لبيد إلى المهاجر بن [أبي] أمية المخزومي (3)، فلما بلغه ما فيه زياد سار إليه فيمن معه وهم ألف فارس من ثغر لهم، وبلغ ذلك الأشعث فأمر أصحابه فتنحوا عن باب تريم، وأقبل المهاجر بن [أبي] (4) أمية في ألف فارس حتى دخل المدينة إلى زياد بن لبيد فصار معه، ورجع الأشعث حتى جلس على الباب وأرسل إلى جميع قبائل كندة، [فأجابه] (4) رجل يقال له الجبر بن قشعم في قومه من بني الأرقم، وأجابه أبو قرة الكندي في قومه من بني حجر. وأجابه أبو شمر الكندي في قومه من بني حمير (5)، وأجابه الخنفشيش بن عمرو في قومه من بني هند، قال: فاجتمع الأشعث بن قيس في خلق كثير من قبائل كندة فنزل بهم على باب المدينة فحاصروا زياد بن لبيد والمهاجر بن [أبي] (4) أمية ومن معهما من المسلمين حصارا شديدا وضيقوا عليهم.
قال: وكتب زياد بن لبيد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يخبره بذلك، وعلمت قبائل كندة أن زيادا كتب إلى أبي بكر كتابا فأنشأ رجل منهم يقول أبياتا من جملتها:
أبلغ زيادا أن كندة أجمعت * طرا عليك فكيف ذلك تصنع.
قال: فلما ورد كتاب زياد إلى أبي بكر رضي الله عنه بخبر كندة وما قد اجتمعت عليه من حرب المسلمين اغتم لذلك واغتم المسلمون أيضا، ولم يجد أبو بكر بدا من الكتاب إلى الأشعث بن قيس بالرضا.