أهل دبا. قال: ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا (1)، ورزق عليهم الظفر فهزمهم عكرمة حتى بلغ بهم إلى أدنى بلادهم، وقتل منهم زهاء مائة رجل، ثم سار إليهم عكرمة يريد قتالهم ثانية، ودخل القوم مدينتهم فتحصنوا بها، ونزل عليهم عكرمة في أصحابه فحاصرهم وضيق عليهم.
قال: فاشتد عليهم الحصار (2) لأنهم لم يكونوا أعدوا لذلك، فأرسلوا إلى حذيفة بن محصن (3) يسألونه الصلح على أنهم يؤدون الزكاة ويرجعون إلى محبته وينصرف عنهم عكرمة! فأرسل إليهم عاملهم أنه لا صلح بيننا وبينكم إلا على إقرار منكم بأنا على حق وأنتم على باطل، وأن قتيلنا في الجنة وقتيلكم في النار، وعلى أنا نحكم فيكم بما رأينا، فأجابوه إلى ذلك فأرسل إليهم أن أخرجوا الآن عن مدينتكم بلا سلاح، ففعلوا ذلك، ودخل المسلمون إلى حصنهم. قتلوا أشرافهم (4) وسبوا نساءهم وأولادهم وأخذوا أموالهم، ونزل عكرمة مدينتهم، ووجه أيضا برجالهم إلى أبي بكر (5) وهم ثلاثمائة من المقاتلة وأربعمائة من النساء والذرية.
قال: فهم أبو بكر رضي الله عنه بقتل المقاتلة وقسمة النساء والذرية، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! إن القوم على دين الاسلام وذلك أني أراهم يحلفون بالله مجتهدين: ما كنا رجعنا عن دين الاسلام، ولكن شحوا على أموالهم، وقد كان منهم ما كان فلا تعجل عليهم واحبسهم عندك إلى أن ترى فيهم رأيك، قال: فأمر بهم أبو بكر فحبسوا في دار رملة بنت الحارث، فلم يزالوا هنالك محبوسين إلى أن توفى أبو بكر رضي الله عنه وصار الامر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدعاهم ثم قال: إنكم قد علمتم ما كان رأى أبي بكر وما