وذي أنسابهم فقال: يا معشر بني كندة! إنكم قد علمتم الذي بينكم وبين مذحج من العداوة والشحناء وهذه خيل أبي بكر قد سارت إلى مقابلتكم فخبروني الآن أي الخيلين تدفعون عنكم: خيل أبي بكر أم خيل مذحج؟ أما والله ما أقول لكم إلا وأنا رجل منكم ولكن كان ملوككم وساداتكم قد أهلكتهم هذه الحروب التي تتوقد، وقد والله! وقعنا في أمر مالنا منه مخلص إلا السمع والطاعة - والسلام.
قال: وتقارب خيل المسلمين من بلاد حضرموت وديار كندة وحصونهم، فوثب رجل منهم يقال له ثور بن مالك وكان قديم العهد في الاسلام وذلك أنه أسلم في أيام معاذ بن جبل حين بعث به النبي (صلى الله عليه وسلم وآله) إلى أرض اليمن قال: وكان ثور بن مالك هذا ممن أسلم يومئذ فأقبل على قومه فقال: يا معشر كندة!
أراكم مجمعين على حرب المسلمين وأرى فيكم نخوة ذلك وقد علمتم أن الذي تدعونه من الملك قد محقه الله تبارك وتعالى بمحمد (صلى الله عليه وسلم وآله)، وأن السيوف التي قتل الله بها أهل الردة هي السيوف التي تقاتلكم غدا! فتداركوا ليومكم فهذه خيل أبي بكر قد تقاربت منكم. قال: فوثبت كندة من كل ناحية فقالوا: يا ابن مالك ما أنت والكلام بين أيدي الملوك ولست هنالك! قم من ههنا فالتراب بفيك! قال: فوثب ثور بن مالك من بين يدي القوم وقد نزل به منهم ما نزل.
قال: وأشرفت خيل أبي بكر المسلمين (1) على ديار كندة وإذا أربعة إخوة من ملوك كندة أحدهم يقال له مخوص (2) ومشرح وجمد وأبضعة فإذا هم على شراب لهم والمعازف بين أيديهم فلم يشعروا إلا وخيل المسلمين على رؤسهم فوضعوا فيهم السيوف فقتلوهم وقتلوا أختا لهم يقال لها العمردة (3)، واحتووا على أموالهم وقليلهم وكثيرهم.