وجندك، فإذا قدمت عليهم كان الامر (1) والعافية والصلح والفتح إن شاء الله، وأخرى فإني لست آمن الروم إن هم أيسوا من قولك الصلح وقدومك عليهم أن يتمسكوا بحصنهم ويلتئم إليهم إخوانهم من أهل دينهم فتشتد شوكتهم ويدخل على المسلمين من ذلك البلاء ويطول أمرهم وحربهم ويصيبهم الجهد والجوع، ولعل المسلمين أن يقتربوا من الحصن فيرشقونهم بالنشاب أو يقذفونهم بالحجارة، فإن أصيب بعض المسلمين تمنيت أن تكون قد افتديت قتل رجل مسلم من المسلمين (2) بكل مشرك إلى منقطع التراب، فهذا ما عندي والسلام.
فقال عمر رضي الله عنه: أما أنت يا أبا عمرو! فقد أحسنت النظر في مكيدة العدو، وأما أنت يا أبا الحسن! فقد أحسنت النظر لأهل الاسلام، وأنا سائر إلى الشام إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: ثم دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فأمره أن يعسكر بالناس. قال: فعسكر العباس خارج المدينة، واجتمع المسلمون من وجوه المهاجرين والأنصار وسادات العرب.
فلما تكامل العسكر وعزم عمر على المسير إلى الشام قام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إني خارج إلى الشام للامر الذي قد علمتم، ولولا أني أخاف على المسلمين لما خرجت، وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمدينة، فانظروا إلى حزبكم أمر عليكم به، واحتكموا إليه في أموركم واسمعوا له وأطيعوا، أفهمتم ما أمرتكم به؟ فقالوا: نعم، سمعا وطاعة. فقال عمر (3): الحمد لله الذي أعزنا بالاسلام، وأكرمنا بالايمان، وخصنا بالقرآن، ورحمنا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فهدانا به من الضلالة، وبصرنا به من الجهالة، ورفعنا به من الخمولة، وجمعنا به بعد الشتات والفرقة، وألف بين قلوبنا، ونصرنا على أعدائنا، ومكن لنا في البلاد، وجعلنا به إخوانا متحابين، فاحمدوا الله عباد الله!
على هذه النعمة، وسلوه المزيد فيها والشكر عليها، فإن الله يزيد المستزيدين