زجروا استقدموا، قالها أربع مرار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن خالدا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم، فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال: فمن حمدتم؟ قالوا: حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله، قال: صدقتم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟
قالوا: لم نكن نغلب أحدا، قال: بلى، قد كنتم تغلبون من قاتلكم، قالوا:
كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله أنا كنا نجتمع ولا نفترق، ولا نبدأ أحدا بظلم:
قال: صدقتم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى الحارث بن كعب قيس بن الحصين.
فرجع وفد بنى الحارث إلى قومهم في بقية من شوال، أو في صدر ذي القعدة، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر، حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحم وبارك، ورضى وأنعم.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم، ليفقههم في الدين، ويعلمهم السنة ومعالم الاسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده، وأمره فيه بأمره: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا بيان من الله ورسوله، يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم، حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله، وأن يبشر الناس بالخير، ويأمرهم به، ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه، وينهى الناس، فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم، والذي عليهم، ويلين للناس في الحق، ويشتد عليهم في الظلم، فإن الله كره الظلم، ونهى عنه، فقال: (ألا لعنة الله على الظالمين -