فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد ابن قيس أحد بنى سلمة: يا جد، هل لك العام في جلاد بنى الأصفر؟ فقال:
يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني؟ فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء منى، وإني أخشى إن رأيت نساء بنى الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: قد أذنت لك. ففي الجد ابن قيس نزلت هذه الآية: (ومنهم من يقول: ائذن لي ولا تفتني، ألا في الفتنة سقطوا، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين - 49 من سورة التوبة): أي إن كان إنما خشى الفتنة من نساء بنى الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة أكبر، بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرغبة بنفسه عن نفسه، يقول [تعالى]: وإن جهنم لمن ورائه.
وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكا في الحق، وإرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم: (وقالوا لا تنفروا في الحر، قل نار جنهم أشد حرا لو كانوا يفقهون، فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا، جزاء بما كانوا يكسبون - 81 و 82 من سورة التوبة).
قال ابن هشام: وحدثني الثقة عمن حدثه، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة، عن أبيه، عن جده، قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، وكان بيته عند جاسوم، يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم، ففعل طلحة. فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت، فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه، فأفلتوا، فقال الضحاك في ذلك: