حين نزلها، بدم، وهو أول دم أقيد به في الاسلام، رجل من بنى ليث قتل رجلا من هذيل، فقتله به، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو بلية - بحصن مالك بن عوف فهدم، ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة، فلما توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن اسمها، فقال: ما اسم هذه الطريق؟ فقيل له: الضيقة، فقال: بل هي اليسرى، ثم خرج منها على نخب، حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة، قريبا من مال رجل من ثقيف، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن تخرج، وإما أن نخرب عليك حائطك، فأبى أن يخرج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخرابه.
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريبا من الطائف، فضرب به عسكره، فقتل به ناس من أصحابه بالنبل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف، فكانت النبل تنالهم، ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم أغلقوه دونهم، فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم، فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة.
قال ابن هشام: ويقال سبع عشرة ليلة.
قال ابن إسحاق: ومعه امرأتان من نسائه، إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية، فضرب لهما قبتين، ثم صلى بين القبتين، ثم أقام، فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك مسجدا، وكانت في ذلك المسجد سارية، فيما يزعمون، لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم قتالا شديدا، وتراموا بالنبل.
قال ابن هشام: ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق. حدثني