فإن أنت لم تفعل فلست بآسف * ولا قائل إما عثرت: لعا لكا قال: وبعث بها إلى بجير، فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنشده إياها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع " سقاك بها المأمون ": صدق وإنه لكذوب، أنا المأمون. ولما سمع: " على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه " قال: أجل، لم يلف عليه أباه ولا أمه.
ثم قال بجير لكعب:
من مبلغ كعبا فهل لك في التي * تلوم عليها باطلا وهي أحزم إلى الله [لا العزى ولا اللات] وحده * فتنجو إذا كان النجاء وتسلم لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت * من الناس إلا طاهر القلب مسلم فدين زهير وهو لا شئ دينه * ودين أبى سلمي على محرم قال ابن إسحاق: وإنما يقول كعب: " المأمون "، ويقال: " المأمور " في قول ابن هشام، لقول قريش الذي كانت تقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
قال ابن إسحاق: فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه، فقالوا: هو مقتول، فلما لم يجد من شئ بدا، قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة، من جهينة، كما ذكر لي، فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح، فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا رسول الله، فقم إليه فاستأمنه. فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جلس إليه، فوضع يده في يده، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه، فقال:
يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت