وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق وهو محاصر ثقيفا: يا أبا بكر، إني رأيت إني أهديت لي قعبة مملوءة زبدا، فنقرها ديك، فهراق ما فيها. فقال أبو بكر: ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا لا أرى ذلك.
ثم إن خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية - وهي امرأة عثمان بن مظعون - قالت: يا رسول الله، أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلى بادية بنت غيلان بن سلمة، أو حلى الفارعة بنت عقيل، وكانتا من أحلى (1) نساء ثقيف.
فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة؟ فخرجت خويلة، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: [يا رسول الله] ما حديث حدثتنيه خويلة زعمت أنك قلته؟ قال: قد قلته، قال: أو ما أذن لك فيهم يا رسول الله؟
قال: لا، قال: أفلا أأذن بالرحيل؟ قال: بلى، قال: فأذن عمر بالرحيل.
فلما استقل الناس نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن أبي عمرو بن علاج:
ألا إن الحي مقيم. قال: يقول عيينة بن حصن: أجل، والله مجدة كراما، فقال له رجل من المسلمين: قاتلك الله يا عيينة، أتمدح المشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جئت تنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فقال: إني والله ما جئت لأقاتل ثقيفا معكم، ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف، فأصيب من ثقيف جارية أتطئها، لعلها تلد لي رجلا، فإن ثقيفا قوم مناكير.
ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته ممن كان محاصرا بالطائف عبيد، فأسلموا، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* (هامش) (1) أي من أكبر نسائهم حليا (*)