قال ابن إسحاق: ثم قال مالك للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا شدة رجل واحد.
قال: وحدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أنه حدث: أن مالك ابن عوف بعث عيونا من رجاله، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ويلكم!
ما شأنكم؟ فقالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.
قال ابن إسحاق: ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله ابن أبي حد رد الأسلمي، وأمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم. فانطلق ابن أبي حدرد، فدخل فيهم، فأقام فيهم، حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، [فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب، فأخبره الخبر فقال عمر: كذب ابن أبي حدرد، فقال ابن أبي حدرد: إن كذبتني فربما كذبت بالحق يا عمر، فقد كذبت من هو خير مني، فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد كنت ضالا فهداك الله يا عمر].
فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ليلقاهم، ذكر أن عند صفوان بن أمية أدراعا له وسلاحا، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك، فقال: يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غدا، فقال صفوان:
أغصبا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال: ليس بهذا بأس، فأعطاه مئة درع بما يكفيها من السلاح، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها، ففعل.
قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع