فاقتله. قلت: يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه. قال: إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة.
قال: فخرجت متوشحا سيفي، حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا وحيث كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة، فأقبلت نحوه، وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشى نحوه، أومئ برأسي، فلما انتهيت إليه، قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك. قال: أجل، إني لفي ذلك. قال: فمشيت معه شيئا، حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف، فقتلته، ثم خرجت، وتركت ظعائنه منكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني، قال: أفلج الوجه، قلت: قد قتلته يا رسول الله، قال: صدقت.
ثم قام بي، فأدخلني بيته، فأعطاني عصا، فقال: أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس. قال: فخرجت بها على الناس، فقالوا: ما هذه العصا؟
قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أمسكها عندي. قالوا:
أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك؟ قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، لم أعطيتني هذه العصا؟
قال: آية ببني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ، قال:
فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه، فلم تزل معه حتى مات، ثم أمر بها فضمت في كفته، ثم دفنا جميعا.
قال ابن هشام: وقال عبد الله بن أنيس في ذلك:
تركت ابن ثور كالحوار وحوله * نوائح تفري كل جيب مقدد تناولته والظعن خلفي وخلفه * بأبيض من ماء الحديد مهند