فزعم الزهري ابن شهاب، أنهم لما قدموه ليقتلوه قال:
بلغ سراة المسلمين بأنني * سلم لربي أعظمي ومقامي ثم ضربوا عنقه، وصلبوه على ذلك الماء، يرحمه الله تعالى.
إسلام بنى الحارث بن كعب على يد خالد بن الوليد لما سار إليهم قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، في شهر ربيع الآخر - أو جمادى الأولى - سنة عشر، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الاسلام قبل أن يقاتلهم، ثلاثا، فإن استجابوا فاقبل منهم، وإن لم يفعلوا فقاتلهم. فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الاسلام، ويقولون: أيها الناس، أسلموا تسلموا. فأسلم الناس، ودخلوا فيما دعوا إليه، فأقام فيهم خالد يعلمهم الاسلام وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هم أسلموا ولم يقاتلوا.
ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد النبي رسول الله، من خالد بن الوليد، السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، يا رسول الله صلى الله عليك، فإنك بعثتني إلى بنى الحارث بن كعب، وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام، وأن أدعوهم إلى الاسلام، فإن أسلموا [أقمت فيهم، و] قبلت منهم، وعلمتهم معالم الاسلام وكتاب الله وسنة نبيه، وإن لم يسلموا قاتلتهم، وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الاسلام ثلاثة أيام، كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثت فيهم ركبانا، قالوا:
يا بنى الحارث، أسلموا تسلموا، فأسلموا ولم يقاتلوا، وأنا مقيم بين أظهرهم،