قوله: " ونالني مع الله من طردت كل مطرد " ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: أنت طردتني كل مطرد؟
فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال العباس بن عبد المطلب. فقلت: وا صباح قريش، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر.
قال: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، فخرجت عليها.
قال: حتى جئت الأراك، فقلت: لعلى أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة. قال: فوالله إني لأسير عليها، وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبى سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا، قال:
يقول بديل: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، قال: فعرفت صوته، فقلت:
يا أبا حنظلة، فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قال: قلت: نعم، قال:
مالك؟ فداك أبي وأمي، قال: قلت: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، وا صباح قريش والله. قال: فما الحيلة؟ فداك أبي وأمي، قال: قلت: ولئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك، قال: فركب خلفي ورجع صاحباه، قال: فجئت به، كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟
فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها، قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم [على بغلته] حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: من هذا؟ وقام إلى، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة، قال: أبو سفيان عدو الله!