وقد كان الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف.
فلما قدم وفد بنى تميم كانا معهم، فلما دخل وفد بنى تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم، فخرج إليهم، فقالوا: يا محمد، جئناك نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل، فقام عطارد بن حاجب، فقال:
الحمد الله الذي له علينا الفضل [والمن] وهو أهله، الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز أهل المشرق، وأكثره عددا، وأيسره عدة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولى فضلهم؟
فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الاكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك.
أقول هذا لان تأتوا بمثل قولنا، وأمر أفضل من أمرنا. ثم جلس.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس، أخي بنى الحارث بن الخزرج: قم، فأجب الرجل في خطبته، فقام ثابت، فقال:
الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شئ قط إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه وأتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الايمان به، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس حسبا (1)، وأحسن الناس وجوها، وخير الناس فعالا. ثم كان أول الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن، فنحن