ما تكلم به أنه صلى على أصحاب أحد، واستغفر لهم، فأكثر الصلاة عليهم، ثم قال: إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، قال: ففهمها أبو بكر، وعرف أن نفسه يريد، فبكى وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا، فقال: على رسلك يا أبا بكر، ثم قال: انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد، فسدوها إلا بيت أبى بكر، فإني لا إعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه.
قال ابن هشام: ويروى: إلا باب أبى بكر.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله، عن بعض آل أبي سعيد بن المعلى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يومئذ في كلامه هذا: فإني لو كنت متخذا من العباد خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبطأ الناس في بعث أسامة بن زيد، وهو في وجعه، فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر، وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة: أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار.
فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل، ثم قال: أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنه لخليق للإمارة، وإن كان أبوه لخليقا لها.
قال: ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانكمش الناس في جهازهم، واستعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فخرج أسامة، وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف، من المدينة على فرسخ، فضرب به عسكره، وتتام إليه