حابس: وأبى، إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا. فلما فرغ القوم أسلموا، وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسن جوائزهم.
وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم في ظهرهم، وكان أصغرهم سنا، فقال قيس بن عاصم، وكان يبغض عمرو بن الأهتم: يا رسول الله، إنه قد كان رجل منا في رحالنا، وهو غلام حدث، وأزرى به، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطى القوم، فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه أن قيسا قال ذلك يهجوه:
ظللت مفترش الهلباء تشتمني * عند الرسول فلم تصدق ولم تصب سدناكم سوددا رهوا وسوددكم * باد نواجذه مقع على الذنب قال ابن هشام: بقى بيت واحد تركناه، لأنه أقذع فيه.
قال ابن إسحاق: وفيهم نزل من القرآن. (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون - 4 من سورة الحجرات).
قصة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الوفادة عن بنى عامر وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عامر، فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء [الثلاثة] رؤساء القوم وشياطينهم.
فقدم عامر بن الطفيل عدو الله، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد الغدر به. وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم. قال:
والله لقد كنت آليت أن لا انتهى حنى تتبع العرب عقبى، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش! ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل، فإني سأشغل