أنه إنما ولى عنهم منهزما، فخرجوا في طلبه، حتى إذا أدركوه عطف عليهم، فقتلهم قتلا شديدا.
وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يرتادان وينظران، فبينا هما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد صلاة العصر، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأي بلاد الله شكر؟
فقام إليه الجرشيان فقالا: يا رسول الله، ببلادنا جبل يقال له كشر، وكذلك يسميه أهل جرش، فقال: إنه ليس بكشر، ولكنه شكر، قالا: فما شأنه يا رسول الله؟ قال: إن بدن الله لتنحر عنده الآن، قال: فجلس الرجلان إلى أبى بكر أو إلى عثمان، فقال لهما: ويحكما! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعى لكما قومكما، فقوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما، فقاما إليه، فسألاه ذلك، فقال: اللهم ارفع عنهم، فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما، فوجدوا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله، في اليوم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، وفى الساعة التي ذكر فيها ما ذكر.
وخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا، وحمى لهم حمى حول قريتهم، على أعلام معلومة، للفرس والراحلة والمثيرة، بقرة الحرث، فمن رعاه من الناس فما لهم سحت، فقال في تلك الغزوة رجل من الا رد - وكانت خثعم تصيب من الأزد في الجاهلية، وكانوا يعدون في الشهر الحرام -:
يا غزوة ما غزونا غير خائبة * فيها البغال وفيها الخيل والحمر حتى أتينا حميرا في مصانعها * وجمع خثعم قد شاعت لها النذر إذا وضعت غليلا كنت أحمله * فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا