دما، ولا يعضد فيها شجرا، ولم تحلل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحلل لي إلا هذه الساعة، غضبا على أهلها. ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال لكم: إن رسول الله [قد] قاتل فيها، فقالوا: إن الله قد أحلها لرسوله، ولم يحللها لكم، يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل، فلقد كثر القتل إن نفع، لقد قتلتم قتيلا لأدينه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين: إن شاءوا فدم قاتله، وإن شاءوا فعقله. ثم ودى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة، فقال عمرو لأبي شريح: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم، ولا خالع طاعة، ولا مانع جزية، فقال أبو شريح: إني كنت شاهدا وكنت غائبا، ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا، وقد أبلغتك، فأنت وشأنك.
قال ابن هشام: وبلغني أن أول قتيل وداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح جنيدب بن الأكوع، قتلته بنو كعب، فوداه بمئة ناقة.
قال ابن هشام: وبلغني عن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة ودخلها، قام على الصفا يدعو [الله]، وقد أحدقت به الأنصار، فقالوا فيما بينهم: أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم بها؟ فلما فرغ من دعائه قال: ماذا قلتم؟ قالوا: لا شئ يا رسول الله، فلم يزل بهم حتى أخبروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: معاذ الله! المحيا محيا كم، والممات مماتكم.
قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل الرواية في إسناد له، عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: دخل