وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر: أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا، فانطلق إليهم عمار، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على ناقته، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله عز وجل: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب - 65 من سورة التوبة). وقال مخشن بن حمير: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبى، وكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشن بن حمير، فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله تعالى أن يقتله شهيدا لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة، فلم يوجد له أثر.
ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، أتاه يحنة بن رؤبة، صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح، فأعطوه الجزية، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم كتابا، فهو عندهم.
فكتب ليحنة بن رؤبة:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أمنة من الله ومحمد النبي ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسيارتهم في البر والبحر: لهم ذمة الله، وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام، وأهل اليمن، وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقا يريدونه، من بر أو بحر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد، فبعثه إلى أكيدر دومة، وهو أكيدر بن عبد الملك، رجل من كندة كان ملكا عليها، وكان نصرانيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: إنك ستجده يصيد البقر.