الدسم الأحمس، قبح من طليعة قوم! قال: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، قالوا: قاتلك الله! وما تغنى عنا دارك، قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل (1).
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء بنت أبي بكر، قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بنية، اظهري بي على أبى قبيس، قالت: وقد كف بصره، قالت: فأشرفت به عليه، فقال: أي بنية، ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك [السواد] مقبلا ومدبرا، قال: أي بنية، ذلك الوازع، يعنى الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت: قد والله انتشر السواد، قالت:
فقال: قد والله إذن دفعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به، وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، قالت: وفى عنق الجارية طوق من ورق، فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل المسجد، أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ قال أبو بكر: يا رسول الله، هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى إليه أنت، قال: [قالت] فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم، قالت: فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا من شعره،