قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عباس، احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها. قال: فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه.
قال: ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال: يا عباس، من هذه؟ فأقول: سليم، فيقول: مالي ولسليم، ثم تمر القبيلة فيقول: يا عباس، من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: مالي ولمزينة، حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها، فإذا أخبرته بهم، قال: مالي ولبني فلان، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء.
قال ابن هشام: وإنما قيل لها الخضراء لكثرة الحديد وظهوره فيها.
قال الحارث بن حلزة اليشكري:
ثم حجرا أعنى ابن أم قطام * وله فارسية خضراء يعنى الكتيبة، وهذا البيت في قصيدة له، وقال حسان بن ثابت الأنصاري:
لما رأى بدرا تسيل جلاهه * بكتيبة خضراء من بلخزرج وهذا البيت في أبيات له قد كتبناها في أشعار يوم بدر.
قال ابن إسحاق: فيها المهاجرون والأنصار، رضي الله عنهم، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله! يا عباس، من هؤلاء؟ قال:
قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، قال: قلت: يا أبا سفيان، إنها النبوة. قال: فنعم إذن.
قال: قلت: النجاء إلى قومك، حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته:
يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، فقامت إليه هند بنت عتبة، فأخذت بشار به، فقالت اقتلوا الحميت