وكان الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وعوف بن عبد عوف ابن الحارث بن زهرة، وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس قد خرجوا تجارا إلى اليمن، ومع عفان ابنه عثمان، ومع عوف ابنه عبد الرحمن، فلما أقبلوا حملوا مال رجل من بنى جذيمة بن عامر، كان هلك باليمن، إلى ورثته، فادعاه رجل منهم يقال له خالد بن هشام، ولقيهم بأرض بنى جذيمة قبل أن يصلوا إلى أهل الميت، فأبوا عليه، فقاتلهم بمن معه من قومه على المال ليأخذوه، وقاتلوه، فقتل عوف بن عبد عوف، والفاكه بن المغيرة، ونجا عفان بن أبي العاص وابنه عثمان، وأصابوا مال الفاكه بن المغيرة، ومال عوف بن عبد عوف، فانطلقوا به، وقتل عبد الرحمن بن عوف بن هشام قاتل أبيه، فهمت قريش بغزو بنى جذيمة، فقالت بنو جذيمة: ما كان مصاب أصحابكم عن ملا منا، إنما عدا عليهم قوم بجهالة، فأصابوهم ولم نعلم، فنحن نعقل لكم ما كان لكم قبلنا من دم أو مال، فقبلت قريش ذلك، ووضعوا الحرب.
وقال قائل من بنى جذيمة، وبعضهم يقول: امرأة يقال لها سلمى:
ولولا مقال القوم للقوم أسلموا * للاقت سليم يوم ذلك ناطحا لماصعهم بسر وأصحاب جحدم * ومرة حتى يتركوا البرك ضابحا فكائن ترى يوم الغميصاء من فتى * أصيب ولم يجرح وقد كان جارحا ألظت بخطاب الأيامى وطلقت * غداتئذ منهن من كان ناكحا قال ابن هشام: قوله " بسر "، و " ألظت بخطاب " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: فأجابها عباس بن مرداس، ويقال بل الجحاف ابن حكيم السلمي:
دعى عنك تقوال الضلال كفى بنا * لكبش الوغى في اليوم والأمس ناطحا