قال ابن إسحاق: وحدثني ابن شهاب الزهري، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن أبي واقد الليثي، أن الحارث بن مالك، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية، قال: فسرنا معه إلى حنين، قال: وكانت كفار قريش ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء، يقال لها ذات أنواط، يأتونها كل سنة، فيعلقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعكفون عليها يوما، قال: فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة، قال: فتنادينا من جنبات الطريق:
يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، قلتم، والذي نفس محمد بيده، كما قال قوم موسى لموسى:
(اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون - 138 من سورة الأعراف). إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم.
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله، قال: لما استقبلنا وادى حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنما ننحدر فيه انحدارا، قال: وفى عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا في شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، وانشمر الناس راجعين، لا يلوي أحد على أحد.
وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: أين الناس؟
هلموا إلى، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله، قال: فلا شئ، حملت الإبل بعضها على بعض، فانطلق الناس، إلا أنه قد بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.