قالوا: أجل، عن ذلك جئنا نسألك، قال: أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس.
قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، أن عائشة حدثته، قالت: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة سوداء حين اشتد به وجعه، قالت: فهو يضعها مرة على وجهه، ومرة يكشفها عنه، ويقول: قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر من ذلك على أمته.
قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: كان آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: لا يترك بجزيرة العرب دينان.
قال ابن إسحاق: ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمت به مصيبة المسلمين، فكانت عائشة، فيما بلغني، تقول: لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم، حتى جمعهم الله على أبى بكر.
قال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم أن أكثر أهل مكة لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم هموا بالرجوع عن الاسلام، وأرادوا ذلك، حتى خافهم عتاب بن أسيد، فتوارى، فقام سهيل بن عمرو، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن ذلك لم يزد الاسلام إلا قوة، فمن رابنا ضربنا عنقه، فتراجع الناس، وكفوا عما هموا به، وظهر عتاب بن أسيد.
فهذا المقام الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لعمر بن الخطاب:
إنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمه.