ولفظ مسلم: فهل معكم من لحمه شئ فتطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله (1). ذكره البخاري في الصيدوالذبائح، وفي كتاب المغازي وفيه قصة (2). وكرراه من طرق.
(1) (مسلم بشرح النووي): 13 / 90، كتاب الصيدوالذبائح، باب (4)، إباحة ميتات البحر، حديث رقم (1935).
وأخرج أبو داود في (السنن): 4 / 165 - 166، كتاب الأطعمة، باب (36) في أكل الطافي من السمك، حديث رقم (3815): " ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه ".
جزر عنه: أي تقلص عنه ماء البحر وقت الجزر عنه، وقد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه أباح الطافي من السمك، ثبت ذلك عن أبي بكر الصديق، وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما. وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح، ومكحول، وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وروي عن جابر وابن عباس رضي الله عنه أنهما كرها الطافي من السمك، وإليه ذهب جابر بن زيد وطاووس، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، (معالم السنن).
وأخرجه ابن ماجة في (السنن): 2 / 1081، كتاب الصيد، باب (18) الطافي من صيد البحر، حديث رقم (3246)، وحديث رقم (3247).
وأخرجه الواقدي مختصرا جدا في (المغازي)، في سرية الخبط، أميرها أبو عبيدة رضي الله عنه:
7 / 776 - 777.
(2) تراجع هذه القصة في كتاب المغازي من (فتح الباري)، شرح الحديث رقم (4360)، والحديث رقم (4361)، وقد أمسكنا عن ذكرها خشية الإطالة.
قال ابن القيم: أصناف السمك كثيرة، وأجوده ما لذ طعمه، وطاب ريحه، وتوسط مقداره، وكان رقيق القشر، ولم يكن صلب اللحم ولا يابسه، وكان في ماء عذب جار على الحصباء، ويتغذى بالنبات لا الأقذار.
وأصلح أماكنه ما كان في نهر جيد الماء، وكان يأوي إلى الأماكن الصخرية، ثم الرملية، والمياه الجارية العذبة التي لا قذر فيها، ولا حمأة، الكثيرة الاضطراب والتموج، المكشوفة للشمس والرياح.
والسمك البحري فاضل، محمود، لطيف، والطري منه بارد رطب، عسر الهضم، يولد بلغما كثيرا، إلا البحري وما جرى مجراه، فإنه يولد خلطا محمودا، وهو يخصب البدن، ويزيد في المني، ويصلح الأفرجة الحارة.
وأما المالح، فأجوده ما كان قريب العهد بالتمليح، وهو حار يابس، وكلما تقادم عهده ازداد حره ويابسه. (زاد المعاد): 4 / 325 - 326.