ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رمضان سنة عشر (1)، عسكر بقباء حتى تتام أصحابه، وعقد له يومئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لواءا، أخذ عمامة فلفها مثنية مربعة، فجعلها في رأس الرمح، ثم دفعها إليه ثم قال: هكذا (2) اللواء، وعممه عمامة ثلاثة أكوار، وجعل ذراعا بين يديه، وشبرا من ورائه، ثم قال: هكذا العمة (3).
وآخر لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء أسامة بن زيد في يوم الخميس لليلة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة، عقده بيده، وقد ابتدأ به مرضه الذي توفاه الله فيه، وقال له: يا أسامة: أغز باسم الله، في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، أغزوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم لا تبتلون بهم، ولكن قولوا: اللهم اكفناهم، واكفف بأسهم عنا، فإن لقوكم قد أجلبوا وصيحوا، فعليكم بالسكينة والصمت، ولا تنازعوا (فتفشلوا) وتذهب ريحكم، وقولوا: اللهم نحن عبادك وهم عبادك، نواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت، واعلموا أن الجنة تحت البارقة (4).
ثم قال: يا أسامة، شن (5) الغارة على أهل أبناء، ثم قال امض على اسم الله، فخرج بلوائه معقودا، فدفعه إلى بريدة بن الحصيب فخرج به إلى بيت أسامة، وعسكر أسامة بالجرف (6).