فيظهر أمره، فإياك أن تخدع عنه، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم، فكل من سأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون: هذا الدين وذاك، وينعتونه مثل ما نعته لك،، ويقولون لم يبق نبي غيره * قال عامر بن ربيعة. فلما أسلمت أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، قول زيد بن عمرو بن نفيل واقرائه منه السلام، فرد عليه السلام وترحم عليه، وقال: قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا.
كتاب دلائل النبوة وهي معنوية وحسية: فمن المعنوية إنزال القرآن عليه، وهو أعظم المعجزات، وأبهر الآيات، وأبين الحجج الواضحات، لما اشتمل عليه من التركيب المعجز الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك، مع توافر دواعي أعدائه على معارضته. وفصاحتهم وبلاغتهم، ثم تحداهم بعشر سور منه فعجزوا، ثم تنازل إلى التحدي بسورة من مثله، فعجزوا عنه وهم يعلمون عجزهم وتقصيرهم عن ذلك، وأن هذا ما لا سبيل لاحد إليه أبدا، قال الله تعالى: * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * [الاسراء: 88] وهذه الآية مكية وقال في سورة الطور وهي مكية:
* (أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) * [الطور: 33] أي إن كنتم صادقين في أنه قاله من عنده فهو بشر مثلكم فأتوا بمثل ما جاء به فإنكم مثله. وقال تعالى في سورة البقرة وهي مدنية - معيدا للتحدي -: * (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين، فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) * [البقرة: 23 - 24] وقال تعالى: * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون) * [هود:
13 - 14] وقال تعالى: * (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) * [يونس: 37 - 39] فبين تعالى أن الخلق عاجزون عن معارضة هذا القرآن، بل عن عشر سور مثله، بل عن سورة منه، وأنهم لا يستطيعون ذلك أبدا كما قال تعالى: * (فان لم تفعلوا ولن تفعلوا) * أي فإن لم تفعلوا في الماضي ولن تستطيعوا ذلك في المستقبل، وهذا تحد ثان وهو أنه لا يمكن معارضتهم له لا في الحال ولا في المآل، ومثل هذا التحدي إنما يصدر عن واثق بأن ما جاء به لا يمكن للبشر معارضته ولا الاتيان بمثله، ولو كان من متقول من عند نفسه لخاف أن يعارض، فيفتضح ويعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له، ومعلوم لكل ذي لب أن محمدا صلى الله عليه وسلم من أعقل خلق الله بل أعقلهم وأكملهم على الاطلاق في نفس الامر، فما كان ليقدم على هذا الامر إلا وهو عالم بأنه لا يمكن معارضته،