ونفخ فيها ودعا بالبركة ثم قال: ردوا عليها عكتها، فردوها عليها وهي مملوءة سمنا، قالت:
فظننت أن رسول الله لم يقبلها فجاءت ولها صراخ، فقالت: يا رسول الله إنما سليته لك لتأكله، فعلم أنه قد استجيب له، فقال: اذهبوا فقولوا لها: فلتأكل سمنها، وتدعو بالبركة، فأكلت بقية عمر النبي صلى الله عليه وسلم وولاية أبي بكر وولاية عمر، وولاية عثمان، حتى كان من أمر علي ومعاوية ما كان.
حديث آخر روى البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن عبد الاعلى بن المسور القرشي، عن محمد بن عمر بن عطاء، عن أبي هريرة قال: كانت امرأة من دوس يقال لها: أم شريك، أسلمت في رمضان، فذكر الحديث في هجرتها وصحبة ذلك اليهودي لها، وأنها عطشت فأبى أن يسقيها حتى تهود، فنامت فرأت في النوم من يسقيها فاستيقظت وهي ريانة، فلما جاء رسول الله قصت عليه القصة، فخطبها إلى نفسها فرأت نفسها أقل من ذلك وقالت: بل زوجني من شئت، فزوجها زيدا وأمر لها بثلاثين صاعا، وقال:
كلوا ولا تكيلوا، وكانت معها عكة سمن هدية لرسول الله، فأمرت جاريتها أن تحملها إلى رسول الله، ففرغت وأمرها رسول الله إذا ردتها أن تعلقها ولا توكئها، فدخلت أم شريك فوجدتها ملاى، فقالت للجارية: ألم آمرك أن تذهبي بها إلى رسول الله؟ فقالت: قد فعلت، فذكروا ذلك لرسول الله فأمرهم أن لا يوكئوها فلم تزل حتى أوكتها أم شريك ثم كالوا الشعير فوجدوه ثلاثين صاعا لم ينقص منه شئ (1).
حديث آخر في ذلك قال الإمام أحمد: ثنا حسن، ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر أن أم مالك البهزية كانت تهدي في عكة لها سمنا للنبي صلى الله عليه وسلم فبينما بنوها يسألونها الادام وليس عندها شئ فعمدت إلى عكتها التي كانت تهدي فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعصرتيه؟ فقلت: نعم قال: لو تركتيه ما زال ذلك مقيما. ثم روى الإمام أحمد بهذا الاسناد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه هو وامرأته وضيف لهم حتى كالوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم تكيلوه لأكلتم فيه ولقام لكم (2) * وقد روى هذين الحديثين مسلم من وجه آخر عن أبي الزبير عن جابر.