وإن الرجل لينضح على حماره فينزح فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بذنوب فسقي، فإما أن يكون توضأ منه، وإما أن يكون تفل فيه ثم أمر به فأعيد في البئر، قال: فما نزحت بعد، قال: فرأيته بال ثم جاء فتوضأ، ومسح على جنبه ثم صلى. وقال أبو بكر البزار: ثنا الوليد بن عمرو بن مسكين، ثنا محمد بن عبد الله بن مثنى عن أبيه عن ثمامة عن أنس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلناه فسقيناه من بئر لنا في دارنا كانت تسمى النزور في الجاهلية فتفل فيها فكانت لا تنزح بعد. ثم قال لا نعلم هذا يروى إلا من هذا الوجه.
باب تكثيره عليه السلام الأطعمة تكثيره اللبن في مواطن أيضا. قال الإمام أحمد: ثنا روح، ثنا عمر بن ذر عن مجاهد أن أبا هريرة كان يقول: والله إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعني (1) فلم يفعل، فمر عمر رضي الله عنه فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل، فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهي وما في نفسي فقال: أبا هريرة، قلت له: لبيك يا رسول الله، فقال: الحق واستأذنت فأذن لي فوجدت لبنا في قدح قال: من أين لكم هذا اللبن؟ فقالوا: أهداه لنا فلان أو آل فلان، قال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لي، قال وأهل الصفة أضياف الاسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال إذا جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية أصاب منها وبعث إليهم منها، وإذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها - قال: وأحزنني ذلك وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، وقلت: أنا الرسول، فإذا جاء القوم كنت أنا الذي أعطيهم، وقلت: ما يبقى لي من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد، فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال: أبا هر خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم، ودفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ القدح فوضعه في يده وبقي فيه فضلة ثم رفع رأسه ونظر إلي وتبسم وقال: أبا هر، فقلت لبيك رسول الله قال: بقيت أنا وأنت، فقلت:
صدقت يا رسول الله قال: فاقعد فاشرب، قال: فقعدت فشربت ثم قال لي: اشرب، فشربت، فما زال يقول لي: اشرب فأشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له في مسلكا، قال: ناولني القدح، فرددت إليه القدح فشرب من الفضلة (2). ورواه البخاري عن أبي نعيم، وعن محمد بن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك. وأخرجه الترمذي عن عباد بن يونس بن