النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وسمرة بن جندب ولرجل آخر: آخركم موتا في النار، فمات الرجل قبلهما وبقي أبو هريرة وسمرة، فكان الرجل إذا أراد أن يغيظ أبا هريرة يقول: مات سمرة، فإذا سمعه غشي عليه وصعق، ثم مات أبو هريرة قبل سمرة وقتل سمرة بشرا كثيرا * وقد ضعف البيهقي عامة هذه الروايات لانقطاع بعضها وإرساله، ثم قال: وقد قال بعض أهل العلم: إن سمرة مات في الحريق، ثم قال: ويحتمل أن يورد النار بذنوبه ثم ينجو منها بإيمانه فيخرج منها بشفاعة الشافعين، والله أعلم * ثم أورد من طريق هلال بن العلاء الرقي أن عبد الله بن معاوية حدثهم عن رجل قد سماه أن سمرة استجمر فغفل عن نفسه وغفل أهله عنه حتى أخذته النار (1)، قلت:
وذكر غيره أن سمرة بن جندب رضي الله عنه أصابه كرار شديد، وكان يوقد له على قدر مملوءة ماءا حارا فيجلس فوقها ليتدفأ ببخارها فسقط يوما فيها فمات رضي الله عنه، وكان موته سنة تسع وخمسين بعد أبي هريرة بسنة (2)، وقد كان ينوب عن زياد بن سمية في البصرة إذا سار إلى الكوفة، وفي الكوفة إذا سار إلى البصرة، فكان يقيم في كل منهما ستة أشهر من السنة، وكان شديدا على الخوارج، مكثرا للقتل فيهم، ويقول: هم شر قتلى تحت أديم السماء، وقد كان الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهما من علماء البصرة يثنون عليه رضي الله عنه.
خبر رافع بن خديج روى البيهقي من حديث مسلم بن إبراهيم عن عمرو بن مرزوق الواشحي (3)، ثنا يحيى بن عبد الحميد بن رافع، عن جدته أن رافع بن خديج رمي - قال عمر: لا أدري أيهما قال - يوم أحد أو يوم حنين بسهم في ثندوته، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله انزع لي السهم، فقال له: يا رافع إن شئت نزعت السهم والقبضة (4) جميعا، وإن شئت نزعت السهم وتركت القبضة وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد، فقال: يا رسول الله، أنزع السهم واترك القبضة واشهد لي يوم القيامة أني شهيد، قال: فعاش حتى كانت خلافة معاوية انتقض الجرح فمات بعد العصر * هكذا وقع في هذه الرواية أنه مات في إمارة معاوية، والذي ذكره الواقدي وغير واحد أنه مات سنة ثلاث، وقيل: أربع وسبعين، ومعاوية رضي الله عنه كانت وفاته في سنة ستين بلا خلاف، والله أعلم.