الغرب، فما لبث أن أرواه حتى قال الرجل: غرقت حائطي، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمرة مائة تمرة، قال: فأكل هو وأصحابه حتى شبعوا ثم رد عليه مائة تمرة، كما أخذها. هذا حديث غريب أورده الحافظ ابن عساكر في دلائل النبوة من أول تاريخه بسنده عن علي بن عبد العزيز البغوي، كما أوردناه. وقد تقدم في ذكر إسلام سلمان الفارسي ما كان من أمر النخيل التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة لسلمان فلم يهلك منهن واحدة. بل أنجب الجميع وكن ثلاثمائة، وما كان من تكثيره الذهب حين قلبه على لسانه الشريف حتى قضى منه سلمان ما كان عليه من نجوم كتابته وعتق رضي الله عنه وأرضاه.
باب انقياد الشجر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد تقدم الحديث الذي رواه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل، عن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن جابر بن عبد الله قال: سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر فلم ير شيئا يستتر به، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها، وقال: انقادي علي بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها وقال: انقادي علي بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى إذا كان بالمنتصف فيما بينهما لام بينهما - يعني جمعهما -، وقال: التئما علي بإذن الله فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس بقربي فيبعد، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله مقبل، وإذا الشجرتان قد افترقتا وقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله وقف وقفة وقال برأسه هكذا يمينا وشمالا. وذكر تمام الحديث في قصة الماء وقصة الحوت الذي دسره البحر كما تقدم ولله الحمد والمنة.
حديث آخر قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش عن أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - عن أنس قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو جالس حزين قد خضب بالدماء من ضربة بعض أهل مكة، قال: فقال له: مالك؟ فقال: فعل بي هؤلاء وفعلوا، قال: فقال له جبريل أتحب أن أريك آية؟ قال: فقال: نعم، قال: فنظر إلى شجرة من وراء الوادي فقال: ادع تلك الشجرة، فدعاها قال: فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، فقال: مرها فلترجع فأمرها فرجعت إلى مكانها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي (1). وهذا إسناد على شرط مسلم ولم يروه إلا ابن ماجة عن محمد بن طريف عن أبي معاوية.