فذكره مختصرا، وعنده فقالوا: إنه لم يكن نبي إلا بعده نبي إلا هذا النبي * وقد ذكرنا في كتابنا التفسير عند قوله تعالى في سورة الأعراف: * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر) * الآية. ذكرنا ما أورده البيهقي وغيره من طريق أبي أمامة الباهلي، عن هشام بن العاص الأموي قال: بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الاسلام، فذكر اجتماعهم به وأن عرفته تنغصت (1) حين ذكروا الله عز وجل، فأنزلهم في دار ضيافته ثم استدعاهم بعد ثلاث فدعا بشئ نحو الربعة العظيمة فيها بيوت صغار عليها أبواب، وإذا فيها صور الأنبياء ممثلة في قطع من حرير من آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فجعل يخرج لهم واحدا واحدا ويخبرهم عنه، وأخرج لهم صورة آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم تعجل إخراج صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم فتح بابا آخر فإذا فيها صورة بيضاء، وإذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتعرفون هذا؟ قلنا: نعم، محمد رسول الله، قال: وبكينا قال: والله يعلم أنه قام قائما ثم جلس وقال: والله إنه لهو؟ قلنا: نعم إنه لهو كما ننظر إليه، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال: أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم، ثم ذكر تمام الحديث في إخراجه بقية صور الأنبياء وتعريفه إياهما بهم، وقال في آخره قلنا له: من أين لك هذه الصور؟ لأنا نعلم أنها ما على صورت عليه الأنبياء عليهم السلام، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله، فقال: إن آدم عليه السلام سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل عليه صورهم، فكانت في خزانة آدم عليه السلام عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس فدفعها إلى دانيال، ثم قال: أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي، وأني كنت عبدا لأشركم ملكة حتى أموت، قال: ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدثناه بما رأينا وما قال لنا وما أجازنا، قال:
فبكى أبو بكر فقال: مسكين لو أراد الله به خيرا لفعل ثم قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى الله عليه وسلم عندهم (2).
وقال الواقدي: حدثني علي بن عيسى الحكيمي عن أبيه، عن عامر بن ربيعة قال:
سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول: أنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل، ثم من بني عبد المطلب ولا أراني أدركه وأنا أو من به وأصدقه وأشهد برسالته، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفي عليك. قلت: هلم، قال: هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، وليست تفارق عينيه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه ثم يخرجه قوم منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب