بمؤمنين * وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين) * [يوسف: 102] إلى أن قال في آخرها * (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) * [يوسف: 111] وقال تعالى: * (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) * [طه: 133] وقال تعالى: * (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد، سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد) * [فصلت: 52 - 53] وعد تعالى أنه سيظهر الآيات: القرآن وصدقه وصدق من جاء به بما يخلقه في الآفاق من الآيات الدالة على صدق هذا الكتاب، وفي نفس المنكرين له المكذبين ما فيه حجة عليهم وبرهان قاطع لشبههم، حتى يستيقنوا أنه منزل من عند الله على لسان الصادق، ثم أرشد إلى دليل مستقل بقوله:
* (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد) * [فصلت: 53] أي في العلم بأن الله يطلع على هذا الامر كفاية في صدق هذا المخبر عنه، إذ لو كان مفتريا عليه لعاجله بالعقوبة البليغة كما تقدم بيان ذلك. وفي هذا القرآن إخبار عما وقع في المستقبل طبق ما وقع سواء بسواء، وكذلك في الأحاديث حسب ما قررناه في كتابنا التفسير، وما سنذكره من الملاحم والفتن كقوله تعالى:
* (علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله) * (المزمل: 20] وهذه السورة من أوائل ما نزل بمكة وكذلك قوله تعالى في سورة اقتربت وهي مكية بلا خلاف: * (سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) * [القمر: 45] وقع مصداق هذه الهزيمة يوم بدر بعد ذلك * إلى أمثال هذا من الأمور البينة الواضحة، وسيأتي فصل فيما أخبر به من الأمور التي وقعت بعده عليه السلام طبق ما أخبر به * وفي القرآن الاحكام العادلة أمرا ونهيا، المشتملة على الحكم البالغة التي إذا تأملها ذو الفهم والعقل الصحيح قطع بأن هذه الأحكام إنما أنزلها العالم بالخيرات، الرحيم بعباده، الذي يعاملهم بلطفه ورحمته، وإحسانه، قال تعالى * (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) * [الانعام:
115] أي صدقا في الاخبار وعدلا في الأوامر والنواهي، وقال تعالى * (آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) * [هود: 1] أي أحكمت ألفاظه وفصلت معانيه، وقال تعالى * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق) * [الفتح: 28] أي العلم النافع والعمل الصالح * وهكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لكميل بن زياد: هو كتاب الله فيه خبر ما قبلكم، وحكم ما بينكم، ونبأ ما بعدكم * وقد بسطنا هذا كله في كتابنا التفسير بما فيه كفاية (ولله الحمد والمنة) فالقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة: من فصاحته، وبلاغته، ونظمه، وتراكيبه، وأساليبه، وما تضمنه من الاخبار الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الاحكام المحكمة الجلية، والتحدي ببلاغة ألفاظه يخص فصحاء العرب، والتحدي بما اشتمل عليه من المعاني الصحيحة الكاملة - وهي أعظم في التحدي عند كثير من العلماء - يعم جميع [أهل