الأسواق، ولا يجزى بالسيئة مثلها، ولكن يعفو (ويغفر) (1) ويتجاوز، ولن (2) أقبضه حتى يقيم الملة العوجاء: بأن تشهد * (أن لا إله إلا الله) * يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، قال عطاء ابن يسار: وأخبرني الليثي (3): أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قال ابن سلام. وقد روي عن عبد الله بن سلام من وجه آخر فقال الترمذي: حدثنا زيد بن أخرم الطائي البصري، ثنا أبو قتيبة - مسلم بن قتيبة -، حدثني أبو مودود المدني، ثنا عثمان الضحاك، عن محمد بن يوسف، عن عبد الله بن سلام، عن أبيه عن جده قال: مكتوب في التوراة " محمد وعيسى بن مريم يدفن معه " فقال أبو مودود: قد بقي في البيت موضع قبر، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن.
هكذا قال الضحاك والمعروف الضحاك بن عثمان المدني، وهكذا حكى شيخنا الحافظ المزي في كتابه الأطراف عن ابن عساكر أنه قال مثل قول الترمذي، ثم قال: وهو شيخ آخر أقدم من الضحاك بن عثمان ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه عثمان، فقد روي هذا عن عبد الله بن سلام، وهو من أئمة أهل الكتاب ممن آمن وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد كان له اطلاع على ذلك من جهة زاملتين كان أصابهما يوم اليرموك، فكان يحدث منهما عن أهل الكتاب، وعن كعب الأحبار، وكان بصيرا بأقوال المتقدمين على ما فيها من خلط وغلط، وتحريف وتبديل، فكان يقولها بما فيها من غير نقد، وربما أحسن بعض السلف بها الظن فنقلها عنه مسلمة، وفي ذلك من المخالفة لبعض ما بأيدينا من الحق جملة كثيرة، لكن لا يتفطن لها كثير من الناس. ثم ليعلم أن كثيرا من السلف يطلقون التوراة على كتب أهل الكتاب المتلوة عندهم، أو أعم من ذلك، كما أن لفظ القرآن يطلق على كتابنا خصوصا ويراد به غيره، كما في الصحيح: خفف على داود القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرح فيقرأ القرآن مقدار ما يفرغ، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع والله أعلم.
وقال البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن ثابت بن شرحبيل عن أم الدرداء قالت: قلت لكعب الحبر: كيف تجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال: نجده محمد رسول الله، اسمه المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، وأعطي المفاتيح ليبصر الله به أعينا عميا (4)، ويسمع به آذانا وقرا، ويقيم به ألسنا معوجة حتى تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعين المظلوم ويمنعه. وبه عن يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث (5) عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل: لا فظ، ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي