أبو كعب البداح بن سهل الأنصاري من أهل المدينة من الناقلة الذين نقلهم هارون إلى بغداد، سمعت منه بالمصيصة (1) عن أبيه سهل بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال: أتى جابر بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف في وجهه الجوع فذكر أنه رجع إلى منزله فذبح داجنا كانت عندهم وطبخها وثرد تحتها في جفنة وحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يدعو له الأنصار فأدخلهم عليه أرسالا فأكلوا كلهم وبقي مثل ما كان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم أن يأكلوا ولا يكسروا عظما، ثم إنه جمع العظام في وسط الجفنة فوضع عليها يده ثم تكلم بكلام لا أسمعه إلا أني أرى شفتيه تتحرك، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها فقال: خذ شاتك يا جابر بارك الله لك فيها، قال: فأخذتها ومضيت، وإنها لتنازعني أذنها حتى أتيت بها البيت، فقالت لي المرأة: ما هذا يا جابر؟ فقلت: هذه والله شاتنا التي ذبحناها لرسول الله، دعا الله فأحياها لنا، فقالت: أنا شهد أنه رسول الله، أشهد أنه رسول الله، أشهد أنه رسول الله.
حديث آخر عن أنس في معنى ما تقدم قال أبو يعلى الموصلي والباغندي: ثنا شيبان، ثنا محمد بن عيسى بصري - وهو صاحب الطعام - ثنا ثابت البناني قلت لانس بن مالك: يا أنس أخبرني بأعجب شئ رأيته، قال: نعم يا ثابت خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلم يعب علي شيئا أسأت فيه، وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش قالت لي أمي: يا أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح عروسا ولا أدري أصبح له غداء فهلم تلك العكة، فأتيتها بالعكة وبتمر فجعلت له حيسا فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى نبي الله وامرأته، فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتور من حجارة فيه ذلك الحيس قال: دعه ناحية البيت وادع لي أبا بكر وعمر وعليا وعثمان ونفرا من أصحابه، ثم ادع لي أهل المسجد ومن رأيت في الطريق، قال: فجعلت أتعجب من قلة الطعام ومن كثرة ما يأمرني أن أدعو الناس وكرهت أن أعصيه حتى امتلأ البيت والحجرة، فقال: يا أنس هل ترى من أحد؟ فقلت: لا يا رسول الله، قال: هات ذلك التور، فجئت بذلك التور فوضعته قدامه، فغمس ثلاث أصابع في التور فجعل التمر يربو فجعلوا يتغذون ويخرجون حتى إذا فرغوا أجمعون وبقي في التور نحو ما جئت به، فقال: ضعه قدام زينب، فخرجت وأسقفت عليهم بابا من جريد، قال ثابت: قلنا: يا أبا حمزة كم ترى كان الذين أكلوا من ذلك التور؟ فقال: أحسب واحدا وسبعين أو اثنين وسبعين.
وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولم يخرجوه.