طريقين عن صحابيين كما تقدم. والله أعلم.
حديث الضب على ما فيه من النكارة والغرابة قال البيهقي: أنا أبو منصور أحمد بن علي الدامغاني من ساكني قرية نامين من ناحية بيهق - قراءة عليه من أصل كتابه - ثنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ - في شعبان سنة اثنتين [وستين] وثلاثمائة - [بجرجان] ثنا محمد [بن علي] بن الوليد السلمي، ثنا محمد بن عبد الاعلى، ثنا معمر بن سليمان، ثنا كهمس، عن داود بن أبي هند، عن عامر [عن] ابن عمر، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه إذا جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا وجعله في كمه ليذهب به إلى رحله فيشويه ويأكله، فلما رأى الجماعة قال: ما هذا؟ قالوا: هذا الذي يذكر أنه نبي، فجاء فشق الناس فقال: واللات والعزى ما شملت السماء على ذي لهجة أبغض إلي منك، ولا أمقت منك، ولولا أن يسميني قومي عجولا لعجلت عليك فقتلتك فسررت بقتلك: الأسود والأحمر والأبيض وغيرهم. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، دعني فأقوم فاقتله، قال: يا عمر! أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا؟ ثم أقبل على الأعرابي وقال: ما حملك على أن قلت ما قلت؟ وقلت غير الحق؟ ولم تكرمني في مجلسي؟ فقال: وتكلمني أيضا؟ - استخفافا برسول الله صلى الله عليه وسلم - واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب - وأخرج الضب من كمه وطرحه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ضب، فأجابه الضب بلسان عربي مبين يسمعه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة قال: من تعبد يا ضب؟
قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عقابه، قال: فمن أنا يا ضب؟ فقال: رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، وقد أفلح من صدقك، وقد خاب من كذبك، فقال الأعرابي: والله لا أتبع أثرا بعد عين، والله لقد جئتك وما على ظهر الأرض أبغض إلي منك، وإنك اليوم أحب إلي من والدي، ومن عيني ومني، وإني لأحبك بداخلي وخارجي، وسري وعلانيتي، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله: الحمد لله الذي هداك بي، إن هذا الدين يعلو ولا يعلى، ولا يقبل إلا بصلاة، ولا تقبل الصلاة إلا بقرآن، قال: فعلمني، فعلمه: قل هو الله أحد، قال: زدني فما سمعت في البسيط ولا في الوجيز (1) أحسن من هذا، قال: يا أعرابي: إن هذا كلام الله، ليس بشعر، إنك إن قرأت: قل هو الله أحد مرة كان لك كأجر من قرأ ثلث القرآن، وإن قرأتها مرتين كان لك كأجر من قرأ ثلثي القرآن، وإذا قرأتها ثلاث مرات كان لك كأجر من قرأ القرآن كله، قال الأعرابي: نعم الاله إلهنا. يقبل اليسير ويعطي الجزيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك مال؟