فصل وأما المعجزات الأرضية فمنها ما هو متعلق بالجمادات، ومنها ما هو متعلق بالحيوانات: فمن المتعلق بالجمادات تكثيره الماء في غير ما موطن على صفات متنوعة سنوردها بأسانيدها إن شاء الله، وبدأنا بذلك لأنه أنسب باتباع ما أسلفنا ذكره من استسقائه وإجابة الله له. قال البخاري: ثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضأوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضأوا من عند آخرهم (1)، وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي من طرق عن مالك به وقال الترمذي: حسن صحيح.
طريق أخرى عن أنس قال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد، ثنا حزم، سمعت الحسن يقول: حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم لبعض مخارجه معه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون فحضرت الصلاة فلم يجد القوم ما يتوضأون به فقالوا: يا رسول الله ما نجد ما نتوضأ به، ورأى في وجوه أصحابه كراهية ذلك، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير، فأخذ نبي الله فتوضأ منه، ثم مد أصابعه الأربع على القدح ثم قال: هلموا فتوضأوا، فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء، قال الحسن: سئل أنس كم بلغوا؟ قال: سبعين أو ثمانين (2). وهكذا رواه البخاري عن عبد الرحمن بن المبارك العنسي عن حزم بن مهران القطيعي به.
طريق أخرى عن أنس قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي عن حميد ويزيد قال: أنا حميد المعني، عن أنس بن مالك قال: نودي بالصلاة فقام كل قريب الدار من المسجد وبقي من كان أهله نائي الدار فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخصب من حجارة فصغر أن يبسط كفه فيه قال فضم أصابعه قال فتوضأ بقيتهم، قال حميد: وسئل أنس: كم كانوا؟ قال: ثمانين أو زيادة. وقد روى البخاري: عن عبد الله بن