أبي سعيد الخدري قال: كنت في عصابة من المهاجرين جالسا معهم وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع (1) إلى كتاب الله، فقال رسول الله: الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم نفسي، قال [ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا ليعدل نفسه فينا، ثم قال بيده هكذا] فاستدارت الحلقة وبرزت وجوههم، قال: فما عرف رسول الله أحدا منهم غيري، فقال رسول الله: أبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور [التام] يوم القيامة، تدخلون [الجنة] قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام (2) وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فصل عبادته عليه السلام واجتهاده في ذلك قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان لا تشاء تراه من الليل قائما إلا رأيته، ولا تشاء تراه نائما إلا رأيته، قالت: وما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وفي غيره إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها، قالت: ولقد كان يقوم حتى أرثي له من شدة قيامه * وذكر ابن مسعود أنه صلى معه ليلة فقرأ في الركعة الأولى بالبقرة والنساء وآل عمران ثم ركع قريبا من ذلك، ورفع نحوه وسجد نحوه * وعن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى أصبح يقرأ هذه الآية: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * رواه أحمد * وكل هذا في الصحيحين وغيرهما من الصحاح، وموضع بسط هذه الأشياء في كتاب الأحكام الكبير * وقد ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حتى تفطرت قدماه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا (3) * وتقدم في حديث