معهم من إداوة وقربة ومزادة، ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المشركين، فبعث الله ريحا فضرب وجوه المشركين وأنزل الله نصره وأمكن من ديارهم فقتلوا مقتلة عظيمة، وأسروا أسارى كثيرة، واستاقوا غنائم كثيرة، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وافرين صالحين (1). وقد تقدم قريبا عن جابر ما يشبه هذا وهو في صحيح مسلم. وقدمنا في غزوة تبوك ما رواه مسلم من طريق مالك عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل. فذكر حديث جمع الصلاة في غزوة تبوك إلى أن قال: وقال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم -: إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى ضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي، قال: فجئناها وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ، فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل مسستما من مائها شيئا؟
قالا: نعم، فسبهما وقال لهما: ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شئ، ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير، فاستقى الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا. وذكرنا في باب الوفود من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن زياد بن الحارث الصدائي في قصة وفادته فذكر حديثا طويلا فيه، ثم قلنا: يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها، وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا وقد أسلمنا، وكل من حولنا عدو، فادع الله لنا في بئرنا فيسعنا ماؤها فنجتمع عليه ولا نتفرق، فدعا بسبع حصيات ففركهن بيده ودعا فيهن ثم قال: اذهبوا بهذه الحصيات فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة واحدة واذكروا الله عز وجل، قال الصدائي: ففعلنا ما قال لنا، فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر إلى قعرها - يعني البئر - وأصل هذا الحديث في المسند وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجة وأما الحديث بطوله ففي دلائل (2) النبوة للبيهقي رحمه الله * وقال البيهقي (3):
باب ما ظهر في البئر التي كانت بقباء من بركته صلى الله عليه وسلم أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي، ثنا أبو حامد بن الشرقي، أنا أحمد بن حفص بن عبد الله، نا أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن سعيد، أنه حدثه أن أنس بن مالك أتاهم بقباء فسأله عن بئر هناك، قال: فدللته عليها، فقال: لقد كانت هذه،