المطلب (1) بن حنطب المخزومي، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصاب الناس مخمصة فأستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم وقالوا: يبلغنا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم، قال: يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا؟
ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم وتجمعها ثم تدعو الله فيها بالبركة، فإن الله سيبلغنا بدعوتك، أو سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون بالحبة (2) من الطعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملاوه، وبقي مثله، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله، لا يلقى الله عبد يؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة (3).
وقد رواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك بإسناده نحو ما تقدم.
حديث آخر في هذه القصة قال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا أحمد بن المعلى الادمي، ثنا عبد الله بن رجاء، ثنا سعيد بن سلمة، حدثني أبو بكر (4) - أظنه من ولد عمر بن الخطاب - عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن (5) أبي ربيعة أنه سمع أبا خنيس الغفاري أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تهامة حتى إذا كنا بعسفان جاءه أصحابه فقالوا: يا رسول الله جهدنا الجوع، فأذن لنا في الظهر أن نأكله، قال: نعم، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فجاء رسول الله فقال: يا نبي الله ما صنعت؟ أمرت الناس أن ينحروا الظهر، فعلى ما يركبون؟ قال: فما ترى يا ابن الخطاب؟ قال: أرى أن تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم فتجمعه في ثوب، ثم تدعو لهم، فأمرهم فجمعوا فضل أزوادهم في ثوب ثم دعا لهم ثم قال: أئتوا بأوعيتكم، فملأ كل إنسان وعاءه، ثم أذن بالرحيل، فلما جاوز مطروا فنزل ونزلوا معه وشربوا من ماء السماء، فجاء ثلاثة نفر فجلس اثنان مع رسول الله وذهب الآخر معرضا، فقال رسول الله: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما واحد فاستحى من الله فاستحى الله منه، وأما الآخر فأقبل تائبا فتاب الله عليه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه. ثم قال البزار: