الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يخطب الناس، فجاءه رومي فقال: ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه كأنك قائم؟ فصنع له منبرا درجتان ويقعد على الثالثة، فلما قعد نبي الله على المنبر خار كخوار الثور، ارتج لخواره حزنا على رسول الله، فنزل إليه رسول الله من المنبر فالتزمه وهو يخور فلما التزمه سكت ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا حتى يوم القيامة حزنا على رسول الله، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن (1)، وقد رواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن عمر بن يونس به وقال: صحيح غريب من هذا الوجه.
طريق أخرى عن أنس قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: ثنا هدبة، ثنا حماد، عن ثابت، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب إلى جذع نخلة، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احتضنه فسكن، وقال: لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة (2). وهكذا رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن خلاد، عن بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس وعن حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس به. وهذا إسناد على شرط مسلم.
طريق أخرى عن أنس قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، ثنا المبارك، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة يسند ظهره إلى خشبة، فلما كثر الناس قال: ابنوا لي منبرا - أراد أن يسمعهم - فبنوا له عتبتين، فتحول من الخشبة إلى المنبر، قال: فأخبر أنس بن مالك أنه سمع الخشبة تحن حنين الواله، قال: فما زالت تحن حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فمشى إليها فاحتضنها فسكنت (3). تفرد به أحمد، وقد رواه أبو القاسم البغوي عن شيبان بن فروخ، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن عن أنس فذكره وزاد: فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال: يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله شوقا إليه لمكانه من الله، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه (4). وقد رواه الحافظ أبو نعيم من حديث الوليد بن مسلم، عن سالم بن عبد الله الخياط، عن أنس بن مالك فذكره.