النبي صلى الله عليه وسلم لاسمع منه أو لآخذ عنه، فهرجت يوما من الأيام، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من بيته فسألت عنه الخادم فأخبرني أنه في بيت، فأتيته وهو جالس ليس عنده أحد من الناس، وكأني حينئذ أرى أنه في وحي، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: ما جاء بك؟ فقلت: جاء بي الله ورسوله فأمرني أن أجلس، فجلست إلى جنبه، لا أسأله عن شئ ولا يذكره لي، فمكثت غير كثير، فجاء أبو بكر يمشي مسرعا فسلم عليه فرد السلام ثم قال: ما جاء بك؟ قال: جاء بي الله ورسوله، فأشار بيده أن يجلس، فجلس إلى ربوة مقابل النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها الطريق، حتى إذا استوى أبو بكر جالسا فأشار بيده فجلس إلى جنبي عن يميني، ثم جاء عمر ففعل مثل ذلك، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وجلس إلى جنب أبي بكر على تلك الربوة، ثم جاء عثمان فسلم فرد السلام وقال: ما جاء بك؟ قال: جاء بي الله ورسوله، فأشار إليه بيده فقعد إلى الربوة ثم أشار بيده فقعد إلى جنب عمر، فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لم أفقه أولها غير أنه قال. قليل ما يبقين، ثم قبض على حصيات سبع أو تسع أو قريب من ذلك، فسبحن في يده حتى سمع لهن حنين كحنين النخل في كف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ناولهن أبا بكر وجاوزني فسبحن في كف أبي بكر كما سبحن في كف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخذهن منه فوضعهن في الأرض فخرسن فصرن حصا، ثم ناولهن عمر فسبحن في كفه كما سبحن في كف أبي بكر، ثم أخذهن فوضعهن في الأرض فخرسن، ثم ناولهن عثمان فسبحن في كفه نحو ما سبحن في كف أبي بكر وعمر، ثم أخذهن فوضعهن في الأرض فخرسن.
قال الحافظ ابن عساكر: رواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري، فقال: عن رجل يقال له سويد بن يزيد السلمي، وقول شعيب أصح. وقال أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة: وقد روى داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الحرشي، عن جبير بن نفير عن أبي ذر مثله. ورواه شهر بن حوشب وسعيد بن المسيب عن أبي سعيد. قال: وفيه عن أبي هريرة، وقد تقدم ما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه. أنه قال: ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.
حديث آخر في ذلك روى الحافظ البيهقي من حديث عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، قال: حدثني أبو أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي، عن أبيه عن جده أبي أسيد الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: يا أبا الفضل لا ترم منزلك غدا أنت وبنوك حتى آتيكم فإن لي فيكم حاجة، فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى، فدخل عليهم فقال: السلام عليكم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، قال: كيف أصبحتم؟
قالوا: أصبحنا بخير نحمد الله، فكيف أصبحت بأبينا وأمنا أنت يا رسول الله؟ قال: أصبحت بخير أحمد الله، فقال لهم: تقاربوا، تقاربوا، يزحف بعضكم إلى بعض، حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته وقال: يا رب هذا عمي وصنو أبي، وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار