فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة فقال: يا بنية هل عندك شئ آكله فإني جائع؟ فقالت: لا والله بأبي أنت وأمي، فلما خرج من عندنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطت عليها وقالت:
والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها، فقالت له: بأبي أنت وأمي قد أتى الله بشئ فخبأته لك، قال: هلمي يا بنية، فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله، فحمدت الله وصلت على نبيه صلى الله عليه وسلم وقدمته إلى رسول الله، فلما رآه حمد الله وقال: من أين لك هذا يا بنية؟ قالت: يا أبت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فحمد الله وقال: الحمد لله الذي جعلك يا بينة شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا فسئلت عنه قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين، وجميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته جميعا حتى شبعوا، قالت: وبقيت الجفنة كما هي، فأوسعت بقيتها على جميع جيرانها، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا * وهذا حديث غريب أيضا إسنادا ومتنا * وقد قدمنا في أول البعثة حين نزل قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * حديث ربيعة بن ماجد عن علي في دعوته عليه السلام بني هاشم - وكانوا نحوا من أربعين - فقدم إليهم طعاما من مد فأكلوا حتى شبعوا وتركوه كما هو، وسقاهم من عس شرابا حتى رووا وتركوه كما هو ثلاثة أيام متتابعة، ثم دعاهم إلى الله. كما تقدم.
قصة أخرى في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإمام أحمد: ثنا علي بن عاصم، ثنا سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى بقصعة فيها ثريد، قال: فأكل وأكل القوم فلم يزالوا يتداولونها إلى قريب من الظهر، يأكل قوم ثم يقومون ويجئ قوم فيتعاقبونه، قال:
فقال له رجل: هل كانت تمد بطعام؟ قال: أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تمد من السماء (1). ثم رواه أحمد عن يزيد بن هارون، عن سليمان عن أبي العلاء، عن سمرة: أن رسول الله أتى بقصعة فيها ثريد فتعاقبوها إلى الظهر من غدوة، يقوم ناس ويقعد آخرون، قال له رجل: هل كانت تمد؟ فقال له: فمن أين تعجب ما كانت تمد إلا من ههنا، وأشار إلى السماء (2). وقد رواه الترمذي والنسائي أيضا من حديث معتمر بن سليمان، عن أبيه عن أبي العلاء واسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير عن سمرة بن جندب به.