الأرض خدا، فقامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا فشهدت أنه كما قال، ثم إنها رجعت إلى منبتها ورجع الأعرابي إلى قومه، فقال: إن يتبعوني أتيتك بهم وإلا رجعت إليك وكنت معك. وهذا إسناد جيد ولم يخرجوه ولا رواه الإمام أحمد. والله أعلم.
باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله وشغفا من فراقه وقد ورد من حديث جماعة من الصحابة بطرق متعددة تفيد القطع عند أئمة هذا الشأن وفرسان هذا الميدان.
الحديث الأول عن أبي بن كعب قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله: حدثنا إبراهيم بن محمد، قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع نخلة إذ كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك؟ قال: نعم، فصنع له ثلاث درجات هن اللاتي أعلى (1) المنبر، فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه، فمر إليه، فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى تصدع وانشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، فكان عنده حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتا (2). وهكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب فذكره. وعنده فمسحه بيده حتى سكن ثم رجع إلى المنبر، وكان إذا صلى صلى إليه، والباقي مثله، وقد رواه ابن ماجة عن إسماعيل بن عبد الله الرقي عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.
الحديث الثاني عن أنس بن مالك قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: ثنا أبو خيثمة، ثنا عمر بن يونس الحنفي: ثنا عكرمة بن عمار، ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثنا أنس بن مالك: أن رسول الله كان يوم