وأبلى يومئذ بلاء حسنا وانكسر سيفه فأعطاه رسول الله يومئذ عرجونا فعاد في يده سيفا أمضى من الحديد شديد المتن. وكان ذلك السيف يسمى العون. وشهد أحدا والخندق وما بعدها. ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فقال عكاشة يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: اللهم اجعله منهم، ثم قام رجل آخر فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة. والحديث مروي من طرق تفيد القطع. وقد خرج عكاشة مع خالد يوم إمرة الصديق بذي القصة فبعثه وثابت بن أقرم بين يدي طليعة، فتلقاهما طليحة الأسدي وأخوه سلمة فقتلاهما، وقد قتل عكاشة قبل مقتله حبال بن طليحة، ثم أسلم طليحة بعد ذلك كما ذكرنا، وكان عمر عكاشة يومئذ أربعا وأربعين سنة وكان من أجمل الناس رضي الله عنه.
ومنهم معن بن عدي ابن الجعد بن عجلان بن ضبيعة البلوي، حليف بني عمرو بن عوف، وهو أخو عاصم بن عدي شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد، وكان قد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن الخطاب فقتلا جميعا يوم اليمامة رضي الله عنهما، وقال مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: بكى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات وقالوا: والله وددنا أنا متنا قبله ونخشى أن نفتتن بعده، فقال معن بن عدي: لكني والله ما أحب أن أموت قبله لأصدقه ميتا كما صدقته حيا * ومنهم الوليد وأبو عبيدة ابنا عمارة بن الوليد بن المغيرة، قتلا مع عمهما خالد بن الوليد بالبطاح وأبو هما عمارة بن الوليد وهو صاحب عمرو بن العاص إلى النجاشي، وقضيته مشهورة.
ومنهم أبو حذيفة ين عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس القرشي العبشمي أسلم قديما قبل دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة وشهد بدرا وما بعدها، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عباد بن بشر وقد قتلا شهيدين يوم اليمامة. وكان عمر أبي حذيفة يومئذ ثلاثا أو أربعا وخمسين سنة (1)، وكان طويلا حسن الوجه أثعل، وهو الذي له سن زائدة وكان اسمه هشيم وقيل هاشم.
ومنهم أبو دجانة واسمه سماك بن خرشة تقدم قريبا * وبالجملة فقد قتل من المسلمين يوم اليمامة أربعمائة وخمسون من حملة القرآن ومن الصحابة وغيرهم. وإنما أوردنا هؤلاء لشهرتهم وبالله المستعان.
قلت: وممن استشهد يومئذ من المهاجرين مالك بن عمرو حليف بني غنم (2) مهاجري