وقد روى الحافظ ابن عساكر ترجمة غيلان بن سلمة الثقفي بسنده إلى يعلى بن منصور الرازي عن شبيب بن شيبة، عن بشر بن عاصم، عن غيلان بن سلمة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا عجبا فذكر قصة الشجرتين واستتاره بهما عند الخلاء، وقصة الصبي الذي كان يصرع، وقوله: بسم الله أنا رسول الله. أخرج عدو الله فعوفي * ثم ذكر قصة البعيرين النادين وأنهما سجدا له بنحو ما تقدم في البعير الواحد، فلعل هذه قصة أخرى، والله أعلم.
وقد ذكرنا فيما سلف حديث جابر وقصة جمله الذي كان قد أعيى، وذلك مرجعهم من تبوك وتأخره في أخريات القوم، فلحقه النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له وضربه فسار سيرا لم يسر مثله حتى جعل يتقدم أمام الناس، وذكرنا شراءه عليه السلام منه، وفي ثمنه احتلاف كثير وقع من الرواة لا يضر أصل القصة كما بيناه. وتقدم حديث أنس في ركوبه عليه السلام على فرس أبي طلحة حين سمع الناس صوتا بالمدينة فركب ذلك الفرس، وكان يبطئ، وركب الفرسان نحو ذلك الصوت، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجع بعدما كشف ذلك الامر، فلم يجد له حقيقة، وكان قد ركبه عريا لا شئ عليه وهو متقلد سيفا، فرجع وهو يقول: لن تراعوا لن تراعوا، ما وجدنا من شئ، وإن وجدناه لبحرا. أي لسابقا * وكان ذلك الفرس يبطأ قبل تلك الليلة فكان بعد ذلك لا يجاري ولا يكشف له غبار وذلك كله ببركته عليه الصلاة والسلام.
حديث آخر غريب في قصة البعير قال الشيخ أبو محمد عبد الله بن حامد الفقيه في كتابه " دلائل النبوة " وهو مجلد كبير حافل كثير الفوائد: أخبرني أبو علي الفارسي، حدثنا أبو سعيد، عن عبد العزيز بن شهلان القواس، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن خالد الراسبي، حدثنا عبد الرحمن بن علي البصري، حدثنا سلامة بن سعيد بن زياد بن أبي هند الرازي، حدثني أبي، عن أبيه عن جده، حدثنا غنيم بن أوس - يعني الرازي - قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل بعير يعدو حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها البعير أسكن، فإن تك صادقا فلك صدقك، وإن تك كاذبا فعليك كذبك، مع أن الله تعالى قد أمن عائذنا، ولا يخاف لائذنا، قلنا: يا رسول الله ما يقول هذا البعير؟ قال: هذا بعير هم أهله بنحره فهرب منهم فاستغاث بنبيكم، فبينا نحن كذلك إذا أقبل أصحابه يتعادون فلما نظر إليهم البعير عاد إلى هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هذا بعيرنا هرب منا منذ ثلاثة أيام فلم نلقه إلا بين يديك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يشكو مر الشكاية، فقالوا: يا رسول الله ما يقول؟ قال: يقول إنه ربي في إبلكم جوارا وكنتم تحملون عليه في الصيف إلى موضع الكلأ فإذا كان الشتاء رحلتم إلى موضع الدفء، فقالوا: قد كان ذلك يا رسول الله، فقال: ما جزاء العبد الصالح من مواليه؟ قالوا: يا رسول الله فإنا لا نبيعه ولا ننحره، قال: فقد استغاث فلم تغيثوه، وأنا أولى بالرحمة منكم، لان الله نزع الرحمة