حديث آخر إن النبي صلى الله عليه وسلم: وقف على مدراس اليهود فقال: يا معشر يهود أسلموا، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله إليكم، فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال: ذلك أريد.
فصل فالذي يقطع به من كتاب الله وسنة رسوله، ومن حيث المعنى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشرت به الأنبياء قبله، وأتباع الأنبياء يعلمون ذلك، ولكن أكثرهم يكتمون ذلك ويخفونه، قال الله تعالى * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم، بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون * قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) * [الأعراف: 157] وقال تعالى: * (والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق) * [الانعام: 114] وقال تعالى: * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) * [البقرة: 146] وقال تعالى: * (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ) * [آل عمران: 20] وقال تعالى: * (هذا بلاغ للناس ولينذروا به) * [إبراهيم: 52] وقال تعالى:
* (لأنذركم به ومن بلغ) * [الانعام: 19] وقال تعالى: * (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) * [هود: 17] وقال تعالى: * (لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين) * [يس:
70] فذكر تعالى بعثته إلى الأميين وأهل الكتاب وسائر الخلق من عربهم وعجمهم، فكل من بلغه القرآن فهو نذير له، قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار (1). رواه مسلم، وفي الصحيحين: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، " نصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت السماحة (2)، وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة، وفيهما: بعثت إلى الأسود والأحمر، قيل: إلى العرب والعجم، وقيل: إلى