بكر خليلا، ولكن خلة الاسلام أفضل، سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر (1).
رواه البخاري عن عبيد الله بن محمد الجعفي عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه به. وفي قوله عليه السلام سدوا عني كل خوخة - يعني الأبواب الصغار - إلى المسجد غير خوخة أبي بكر إشارة إلى الخلافة أي ليخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين. وقد رواه البخاري أيضا من حديث عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس. أن رسول الله خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بعصابة دسماء ملتحفا بملحفة على منكبيه فجلس على المنبر فذكر الخطبة، وذكر فيها الوصاة بالأنصار إلى أن قال: فكان آخر مجلس جلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض - يعني آخر خطبة خطبها عليه السلام. وقد روي من وجه آخر عن ابن عباس بإسناد غريب ولفظ غريب. فقال الحافظ البيهقي: أنبأنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا ابن أبي قماش، وهو محمد بن عيسى، ثنا موسى بن إسماعيل، أبو عمران الجبلي، ثنا معن بن عيسى القزاز، عن الحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن أناس (2) الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس عن الفضل بن عباس. قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكا شديدا، وقد عصب رأسه فقال: خذ بيدي يا فضل. قال: فأخذت بيده حتى قعد على المنبر. ثم قال: ناد في الناس يا فضل. فناديت: الصلاة جامعة. قال: فاجتمعوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: أما بعد أيها الناس إنه قد دنى مني خلوف من بين أظهركم ولن تروني في هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عني حتى أقومه فيكم، ألا فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد، ولا يقولن قائل أخاف الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من شأني ولا من خلقي، وان أحبكم إلي من أخذ حقا إن كان له علي أو حللني فلقيت الله عز وجل وليس لاحد عندي مظلمة. قال: فقام منهم رجل فقال: يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم. فقال: أما أنا فلا أكذب قائلا. ولا مستحلفه على يمين فيم كانت لك عندي؟ قال:
أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم. قال: أعطه يا فضل. قال: وأمر به فجلس. قال عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته الأولى. ثم قال: يا أيها الناس من كان عنده من الغلول شئ فليرده، فقام رجل. فقال: يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله.
قال: فلم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجا. قال: خذها منه يا فضل. ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته الأولى وقال: يا أيها الناس من أحس من نفسه شيئا فليقم أدعو الله له. فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إني لمنافق وإني لكذوب وإني لنئوم (3). فقال عمر بن الخطاب: ويحك أيها