البكائين إلى أبي عفك أحد بني عمرو بن عوف وكان قد نجم نفاقه حين قتل رسول الله الحارث بن سويد بن الصامت كما تقدم. فقال يرثيه ويذم - قبحه الله - الدخول في الدين:
لقد عشت دهرا وما أن أرى * من الناس دارا ولا مجمعا أبر عهودا وأوفى لمن * يعاقد فيهم إذا ما دعا من أولاد قيلة في جمعهم * يهد الجبال ولم يخضعا فصدعهم راكب جاءهم * حلال حرام لشتى معا فلو أن بالعز صدقتم * أو الملك تابعتم تبعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. من لي بهذا الخبيث، فانتدب له سالم بن عمير هذا فقتله فقالت أمامة المريدية في ذلك:
تكذب دين الله والمرء أحمدا * لعمرو الذي أمناك بئس الذي يمني (1) حباك حنيف (2) آخر الليل طعنة * أبا عفك خذها على كبر السن وبعث عمير بن عدي الخطمي لقتل العصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد كانت تهجو الاسلام وأهله، ولما قتل أبو عفك المذكور أظهرت النفاق وقالت في ذلك:
بأست بني مالك والنبيت * وعوف وباست بني الخزرج أطعتم أتاوى من غيركم * فلا من مراد ولا مذحج ترجونه بعد قتل الرؤوس * كما يرتجي ورق المنضج ألا آنف يبتغي غرة * فيقطع من أمل المرتجي قال فأجابها حسان بن ثابت فقال:
بنو وائل وبنو واقف * وخطمة دون بني الخزرج متى ما دعت سفها ويحها * بعولتها والمنايا تجي فهزت فتى ماجدا عرقه * كريم المداخل والمخرج فضرجها من نجيع الدما * وبعيد الهدو فلم يحرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك: ألا آخذ لي من ابنة مروان؟ فسمع ذلك عمير بن عدي فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها [في بيتها] (3) فقتلها. ثم أصبح فقال: يا رسول الله قتلتها.