لما حكاه في المسالك عن محققي أهل العربية كالزمخشري وابن هشام من جواز إبدال كل منهما من الأخرى مطلقا. وجعلوا من ذلك قوله تعالى (1): " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه " وقوله تعالى (2): " قل هو الله أحد " إلى غير ذلك من الآيات القرآنية والشواهد اللغوية، وفيه أنه يمكن قيام الظرف في الأول مقام النعت، ومنع البدلية في الثاني، بل هو خبر للضمير الذي لفظ الجلالة عطف بيان أو بدل منه.
نعم قد يقال: إن المنساق في الفرض المفعولية لا البدلية التي هي إن صحت يكون بدل اشتمال فيه، وصحته مع تنكيره وخلوه عن ضمير راجع إلى المبدل منه لا يخلو من نظر، فتأمل جيدا.
ولو كان المقر له عبدا فبناء على أن مدرك المسألة الأول صح التفسير به، لأنه مال بخلافه على الثاني، إذ لا مغايرة حينئذ، ولعله الأقوى كما عن الشهيد الجزم به.
ولو قال: " غصبته " وقال: " أردت نفسه " ففي القواعد قبل، وكذا لو قال:
" غبنته " لأنه قد يغصب ويغبن في غير المال، وقد يناقش بأنه مناف لما سمعته من تعريف الغصب عند المشهور، نعم لو قلنا بأن الغصب القهر ظلما اتجه حينئذ تفسيره به.
اللهم إلا أن يقال: إن أصل البراءة وقاعدة الأخذ بالمتيقن في الاقرار يقتضي قبول تفسيره الغصب بذلك وإن كان مجازا إلا أن إرادة الحقيقة متوقفة على إضمار " مالا " أو " شيئا " والأول أولى، لما عرفت، بل قد يقال: إن قبول تفسيره بذلك أولى مما ذكروه من قبول تفسير الألفاظ السابقة بتلك الاحتمالات البعيدة.